قال رئيس جمعية الشيخ الجمري الخيرية مجيد السيد علي خلال لقاء موسع مع «الوسط» أن مجلس الإدارة يعكف حالياً على التحضير للجنة خاصة منوط بها العمل على جائزة الشيخ الجمري الثقافية السنوية للبحث العلمي، معلناً إطلاقها لهذا العام على مستوى الوطن العربي.
وذكر أنه ستتم متابعة الإصدارات ورصدها لتمنح الجائزة لأفضلها في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، فيما أشار إلى مشروع اجتماعي ستطلقه الجمعية بالتزامن مع عيد العمال الشهر المقبل وسيشمل تكريم أبناء من الجاليات الأجنبية التي عملت في البحرين لمدة طويلة وخدمتها وكانت جزءاً منها واندمجت مع أبناء هذا الشعب الطيب، وهو رسالة بأننا مجتمع متحاب، آمن للراغبين في الحياة فيه. وفيما يلي نص اللقاء...
كيف جاءت فكرة إطلاق جمعية الجمري الخيرية؟
- بعد وفاة الشيخ عبدالأمير الجمري، جاء التفكير في إطلاق جمعية خيرية وفاءً له وامتداداً لفكره وترجمة لشخصيته، ترجمة على أرض الواقع بمشاريع تحاكي ذلك الفكر، وهنا جاء التحدي أن تترجم فكر ومدرسة شخصية كشخصية الجمري رحمة الله عليه.
فتأسست الجمعية كجمعية خيرية في العام 2008، تحت مسمى جمعية الشيخ الجمري الخيرية وتعنى بتقديم الخدمات والأنشطة الخيرية بما يمكن لها الارتقاء بالعمل الخيري وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة لكل فئات المجتمع وذلك طبقاً للقوانين والأنظمة الواردة في النظام الأساسي للجمعية.
بما أنك ربطت فكرة الجمعية وتوجهها بفكر الشيخ الجمري، هلا عرفتنا ما هو ذلك الفكر؟
- يرتكز فكر الجمري على الانفتاح على كل مكونات الشعب البحريني، إذ كان مبادراً ورائداً في هذا المجال، وأفضل ترجمة لذلك كانت من خلال تدشين ذكرى رحيله الخامسة عبر ملتقى ثقافي باسم «الوطن يجمعنا» تم فيه دعوة جميع الأطياف، وركزنا على أن يكون المكان جامعاً ورمزياً وأن يكون في العاصمة، لذا جاء اختيار بيت القرآن كمؤسسة ثقافية جامعة تحمل اسم ما يجمع عليه الناس بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ولا يختلف عليه اثنان.
دشنا الملتقى في آخر يوم من العام 2011 على أمل أن يكون شعاره الفكر السائد للعام المقبل بعد ما شهدته مملكة البحرين من أحداث، وشهد الملتقى حضور 300 شخصية ولقي صدى في الأوساط وحرك المياه الراكدة والدليل تحرك كثير من الجهات في السياق نفسه.
كثرت في السنوات الأخيرة أعداد الجمعيات بمختلف توجهاتها، فما الذي يميز «الجمري الخيرية»؟ وماذا من الممكن أن تضيف للساحة البحرينية؟
- ما يميز جمعيتنا نظرتنا الشمولية والتي تفتقر لها كثير من الجمعيات الأخرى التي تحجمت في مناطق معينة وأسهم ذلك في عزوف بعض جماهيرها، إذ إننا نتكلم على مستوى الوطن وليس طائفة لذا يشاركنا في فعالياتنا الجميع من مواطنين ومقيمين وجاليات وأجانب بمختلف توجهاتهم الدينية والسياسية، وهناك تعاون لتدشين فعاليات مع الجاليات لعرض همومهم ومشاكلهم.
كما أن جمعية الجمري الخيرية تحمل على عاتقها مجموعة من القيم وتلتزم بها، وتؤمن بأن القيم الإنسانية والسماوية التي تؤكد على المساواة بين البشر وحق كل إنسان في العيش بكرامة في مجتمع يضمن تكافؤ الفرص، تسوده روح التعاون والتآخي، لا يبخل أفراده في مد يد العون ودعم الفئة المحتاجة منه لضمان مساهمة الجميع في نمو وتطوير المجتمع، لذا فإن الجمعية تهتم بشكل خاص بعدد من الأمور وهي مساعدة المحتاجين ودعمهم، العنصر البشري وهو أثمن الموارد المجتمعية التي يتوجب تنميتها، تأكيد قيم التكافل والتعاون وتكاتف كل الجهود كأساس لإنجاح أي مشروع خيري، توجيه المشاريع الخيرية بصورة شاملة لكل أفراد ومكونات المجتمع، تعهد وتنمية الكفاءات التي تزخر بها فئة المحتاجين لتسخيرها في عملية التنمية المستدامة والعمل كمؤسسة خيرية تتميز جهودها بالكفاءة والفعالية والمساواة.
كيف تم ترجمة فكر الجمري لمشاريع؟
- النقطة الأولى بأن فكر الجمري يرتكز على توحيد الكلمة والانفتاح على مكونات المجتمع والتركيز على السلم الاجتماعي والوطني والانفتاح على الجاليات الأخرى التي ساهمت في تطوير المجتمع واحترام تلك العلاقة التي نحتفظ بها للتاريخ وتؤكد مدى أصالة هذا الشعب وطيبته، لذا جاء إحياء ذكرى رحيله الخامسة جامعاً لكل مكونات المجتمع، والثانية اهتمام الجمري بالتعليم والثقافة، لذا كان رحمة الله عليه من أول المشجعين لتعليم البنات الجامعي، وترجمنا ذلك من خلال مشروع القروض الدراسية الجامعية ومشروع الست فقيدات اللاتي فقدن في حادث مروري مؤلم بالسعي لتوفير ست منح لست متفوقات لأفضل الجامعات خارج مملكة البحرين بهدف تحقيق حلم الفقيدات الست وتحويل الحدث المؤلم لحدث إيجابي مؤثر في حياة قريناتهن، وكانت الفعالية بحد ذاتها مصدر ارتياح للكثيرين وحصلنا على كثير من رسائل الشكر والتقدير.
ويجدر بي هنا أن أشير إلى أنشطة الجمعية والتي منها الأكاديمية كمشروع القروض الدراسية الجامعية، برامج التوجيه والإرشاد للدراسات والتخصصات المطلوبة، التنسيق مع الجامعات والمعاهد لقبول الطلاب ومساعدتهم لمواصلة الدراسة والتخرج، تكريم المتفوقين ورصد الجوائز للمشاريع الأكاديمية المتميزة وتنظيم مسابقات وفعاليات علمية.
أما فيما يختص البرامج والأنشطة الثقافية فالجمعية تسعى إلى ترتيب العلاقات والتعاون مع المؤسسات الثقافية القائمة في الداخل والخارج وتنظيم فعاليات مشتركة وتبني مشروع جائزة الشيخ الجمري الثقافية السنوية على مستوى البحرين والعالم الخارجي ونشر الدراسات المتميزة والأعمال المترجمة، كما أن الجمعية تولي الجانب الاجتماعي اهتماماً خاصاً وتخصص جزءاً كبيراً من مشاريعها وبرامجها للفعاليات الجامعة التي تشيع مبادئ الأخوة والمشاركة، مثل الاهتمام بالمشاريع الهادفة لتحقيق الاستقرار الأسري والسلم الاجتماعي، مشاريع جامعة لتوثيق اللحمة الوطنية بعيداً عن التمايزات الإثنية والدينية والمذهبية وتشجيع مشاريع الأسر المنتجة والتنسيق مع الجهات الداعمة لتقديم المساعدات المطلوبة فضلاً عن إعداد الدراسات والبحوث الاجتماعية والمشاركة في الحملات الوطنية ذات الطابع الاجتماعي مع مختلف الجهات الرسمية.
ما هي الخطوط العريضة لأهداف الجمعية؟
- نسعى إلى تعزيز مفهوم التنمية الإنسانية، تشجيع الفئات المقتدرة على دعم ورعاية كل أشكال العمل الخيري والاجتماعي، دعم ذوي الحاجة والمعوزين ورفع مستواهم المعيشي وتوجيه طاقاتهم وقدراتهم، رعاية الموهوبين والمتميزين، التعاون والتنسيق مع الجمعيات العاملة في مجال العمل الخيري داخل مملكة البحرين وخارجها، المشاركة في المشاريع الخيرية وحمالات الإغاثة الإنسانية العالمية، تشجيع البحوث والدراسات العلمية ونشر ثقافة التعاون والتكافل بين فئات المجتمع.
بلغة الأرقام ما الذي يحتاجه مشروع «الزهرات الست» ليرى النور؟
- حقيقة نحتاج لـ 500 ألف دينار كموازنة لست منح لأفضل الجامعات، وحصلنا على تشجيع كبير من كثير من الشخصيات ووعود أكبر لتحقيق ذلك، كما وأبدت المؤسسات التابعة للجاليات الأجنبية رغبتها في المشاركة في هذا المشروع كجزء من فريق العمل وهو مكسب نعتز به.
وماذا بشأن مشروع القروض الجامعية؟
- أطلقنا المشروع في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي كأول مشروع للدورة الجديدة في الجمعية، واستفاد منه حتى الآن 20 طالباً متفوقاً، وفكرته تقوم على تقديم تسهيلات مادية بلا أرباح على أن يسدد المبلغ بعد التخرج وحينما يلتحق بوظيفته، ما يميز هذا المشروع بأنه يحتضن الطلبة المتفوقين الراغبين في استكمال حياتهم الجامعية ويوفر لهم الجهة الحاضنة لطموحاتهم.
هل في جعبة الجمعية مشاريع جديدة؟
- لدينا مشروع اجتماعي سنطلقه بالتزامن مع عيد العمال في مايو/ أيار المقبل وسيشمل تكريم أبناء من الجاليات الأجنبية التي عملت في البحرين لمدة طويلة وكانت جزءاً منها واندمجت مع أبناء هذا الشعب الطيب، وهو رسالة بأننا مجتمع متحاب، آمن للراغبين في الحياة فيه.
ما هي العراقيل التي تواجه جمعية الجمري الخيرية في مسيرة عطائها؟
- لن أسميها عراقيل بل تحديات قد تواجه أي مشروع خيري أو تطوعي، المشكلة دائماً تكمن في الكادر، وأود أن أشير هنا إلى أن المؤسسات الخيرية الجديدة لابد أن تعمل على تطوير عملها وفعالياتها لتتلافى مشكلة عزوف الشباب عن العمل التطوعي في الفترة الأخيرة، وهو ما نسعى إلى تحقيقه في جمعيتنا من خلال محاولة مخاطبة الشباب بلغة تحتوي طاقاتهم وتدشين الفعاليات التي يحتاجها الوطن وأبناؤه في هذه الفترة، فهناك الكثير من الطاقات المعطلة التي تحتاج فقط من يدلّها على الطريق الصحيح لإبراز إمكانياتها، لاسيما أن طبيعة الإنسان البحريني متفاعل ومعطاء في كل المجالات.
والتحدي هنا أن تطرح مثل ما ذكرت مشاريع تخاطب عقول تلك الطاقات، وأنا متفائل جداً بتخطي مثل هذه النوعية من العراقيل في حال واصلنا بهذه الإستراتيجية واستمرينا بطرح مشاريع نوعية لتفعيل طاقات الشباب واستخدمنا خطاباً يحترم ذهنهم المتفتح على العالم.
من بين التحديات أيضاً الموازنة والذي يعد ترتيبها تحدياً أمام أي مشروع ولاسيما إن كان مشروعاً خيرياً، فضلاً عن تحدي نشر ثقافة العطاء، ونأمل بأن يسهم الجميع في تعزيز هذه الثقافة.
هلا حدثتنا عن رؤية مجلس الإدارة الجديد؟
- بشكل عام تطمح الجمري الخيرية إلى أن تكون الرائدة في ميدان العمل الخيري والتنمية المستدامة وذلك بالسعي لبناء وتطوير قدرات الإنسان والمجتمع البحريني في المجالات المختلقة، وتقوم رؤية مجلس الإدارة الحالية على فكرة إحياء الجانب الثقافي وتشجيع البحث العلمي بعد أن أمسيا ضحية الاستغراق السياسي، وأقصد من حديثي بأن السياسة شغلت الناس على حساب جوانب مهمة أخرى، وأرى بأن إطلاق جمعية سياسية في ظل الكم الهائل من الجمعيات السياسية ليس بإنجاز ولاسيما أن المجتمع البحريني مجتمع سياسي حتى النخاع، إلا أن تحقيق نجاحات في مجال الجمعيات الإنسانية والثقافية والتعليمية هو من أكبر التحديات في ظل عزوف الناس وطبيعة المزاج العام لهم.
ونحن في جمعية الجمري الخيرية اكتشفنا من خلال الفعاليات بأن الناس متعطشة لمشاريع وفعاليات وأنشطة ثقافية وتعليمية بعد ما عاشته طوال عام.
ماذا بشأن خططكم المستقبلية؟
- نعكف حالياً على التحضير للجنة خاصة منوط بها العمل على جائزة الشيخ الجمري السنوية للبحث العلمي والتي نعتزم إطلاقها على مستوى العالم العربي، وسنقوم بمتابعة الإصدارات ورصد أفضلها لتمنح الجائزة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، على أن نطرح عناوين معينة للتنافس فيها لاستحقاق الجائزة في المرحلة المقبلة.
ما هي الرسالة التي تودون إيصالها للمجتمع البحريني؟
- نسعى إلى إرساء قيم الخير والإنسانية وإشاعة روح المحبة والتآخي والتعاون والتآزر بين أفراد المجتمع، كما نود أن نؤكد على أن أبواب «الجمري الخيرية» مفتوحة لكل مكونات المجتمع البحريني، كما أننا نحتاج لطاقات الشباب ومبادراتهم، ونحتاج لإبداعات تثري عملنا، وأننا نسعد باستقبال الأفكار والمقترحات كما هي سعادتنا باستقبال الانتقاذات بشأن أدائنا من أجل تقويم عملنا، وندعو الجميع إلى التسابق في ذلك وفاءً للشيخ الجمري.
رابط الخبر في الصحيفة: http://www.alwasatnews.com/3502/news/read/654612/1.html